الاعتبارات الفکرية الخاصة بتنمية المناطق الحدودية

Document Type : Original Article

Author

قسم التخطيط العمراني – کلية الهندسة – جامعة الأزهر

Abstract

تمثل المناطق الحدودية بما يکمن بداخلها من موارد تنموية کامنة غير مستغلة أهمية بالغة لدى الدول التي تمتلکها باعتبارها المناطق التي ستؤول لها عملية التنمية القومية مستقبلاً بفرض عدم قدرة المناطق المعمورة على إستيعاب التزايد السکاني المطرد وإستنزاف مواردها وتزايد الخلل في الإتزان ما بين السکان والبيئة الذي يشکل بدوره ضغوطاً بيئية وإجتماعية وإقتصادية وأمنية في تلک المناطق.
وبإمتلاک مصر أقاليماً حدودية مترامية الأطراف حتى أنها تشکل الغالبية العظمى من مساحتها وفي ضوء الخلل الواضح في التوازن ما بين السکان والبيئة التي يعيشون فيها أصبح أمراً واقعاً بأن تتوجه الأنظار الواعية والهادفة إلى إستشراف المستقبل صوب تلک المناطق الحدودية بإعتبارها المناطق الواعدة في إعادة توزيع السکان وإعادة بناء الکيان الإقتصادي القومي بما يتوافق مع ما يکمن بداخلها من موارد تنموية إرساءاً لمبدأ التنمية المستدامة.
 
ولقد أصبح من الضروري التطرق إلى الخبرات السابقة في مجال تنمية المناطق الحدودية لإستخلاص السياسات التنموية التي إتبعت لتکوين قاعدة علمية سليمة يتم من خلاله صياغة المنهج العلمي لتنمية المناطق الحدودية المصرية في ضوء الظروف الخاصة بمصر کدولة نامية لا تمتلک من الموارد التنموية الکثير وتعاني العديد من المشاکل الإجتماعية والإقتصادية والعمرانية والبيئية حيث تواجه مصر کدولة نامية کثيرا من المشاکل والتحديات أهمها التکدس السکاني داخل الوادي و الدلتا الذى أدى بدوره إلى إختلال التوازن ما بين السکان و المکان، حيث تطور عدد السکان من حوالي 11 مليون نسمة عام 1907م إلي حوالي 48  مليون نسمة عام 1986م ووصل إلى 61.5 مليون نسمة عام 1996م ثم وصل إلى 72 مليون نسمة عام 2006م, ووصل تعداد سکان مصر طبقا للساعة السکانية بجهاز التعبئة العامة والإحصاء السبت 10/ 2/ 2015م  إلى 88 مليون نسمة داخل مصر بزيادة مليون نسمة في أقل من ستة أشهر، ، بينما وصل عدد المغتربين بالخارج وفقا لإحصاءات وزارة الخارجية المصرية إلى ثمانية ملايين نسمة في 2/2015م وبذلک يکون اجمالي عدد سکان مصر في شهر فبراير 2015م 96مليون نسمة.([1]) وأصبح من الضروري والحيوي فتح أبواب المناقشة أمام أهم التحديات التنموية والأمنية التي تواجه المناطق الحدودية وطرق مواجهتها الي جانب کيفية التعامل مع التطورات التي حدثت في الوطن العربي.
 
وقد أکد دبلوماسيون وخبراء عمرانيون أن "أمن الحدود" لا ينفصل عن التنمية بها الي جانب ضرورة التنسيق مع القبائل لحفظ الأمن بها مؤکدين أن المعاهدات أجازت تعديل بعض البنود مما يسمح بالتفاوض من أجل تواجد أمني في بعض المناطق الحدودية.
ومن هنا نجد أن اهمية تنمية المناطق الحدودية هو التأمين والتنمية حيث يعتبر وجهان لعملة واحدة، فتأمين الحدود يؤدى الى استقرار المناطق الحدودية، واستقرارها يرسخ البنية التحتية التى بدورها تؤدى الى التنمية، لذا فيمکننا القول إن أهم معضلات عملية التنمية فى أى دولة هى مدى قدرتها على تنمية أطرافها الحدودية بإعتبار أن قضية تنمية المناطق الحدودية من المشاکل الجذرية التى تواجه الدول العربية ، حيث عانت هذه المناطق من الإهمال والحرمان من الموارد المتاحة للأماکن الحضرية مما يجعلها هشة، ويسهل وصول الدخلاء اليها.
مما يجعل تنمية المناطق الحدودية ضرورة حتمية تفرضها مقتضيات الأمن القومى، مؤکداً أن عملية التنمية لا يجب أن تختزل فى تقديم بعض الخدمات وإنما يجب أن ترتبط برؤية واضحة للتنمية وأن تکون جزءً من صياغة کلية لعقد اجتماعي ومطالب العدالة الاجتماعية